MANAMASTORY
MANAMASTORY
22 مايو 2017 وجوه من المنامة

عميد «الأحسائيين» في البحرين الوجيه ميرزا طاهر التحو يترجَّل عن 95 عاماً من العطاء

بعد 95 عاماً من العطاء ترجَّل عميد «الأحسائيين» في البحرين الوجيه الحاج ميرزا طاهر التحو في مكة المكرمة، حيث توفي معتمراً ومؤتزراً إحرامه الأخير، وشغل المرحوم التحو طيلة عقود من الزمن وحتى وفاته رئاسة مأتم الأحسائيين الشهير وسط العاصمة المنامة، كما كان عميداً للعديد من العوائل الأحسائية المعروفة في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي.

ولد الحاج ميرزا بن الحاج طاهر التحو في المنامة في العام 1920 وترأس الحاج ميرزا حسينية الأحسائيين بالمنامة في العام 1948 خلفاً لوالده المرحوم الحاج طاهر، جدد بناء الحسينية ثلاث مرات في عهده وتضاعفت قيمة أملاك وأوقاف الحسينية بفضل حسن تصرفه واستثماره لأموال الحسينية.

عمل الحاج ميرزا التحو في شركة نفط البحرين (بابكو) منذ أربعينيات القرن الماضي، وفي نفس الوقت عمل في التجارة من خلال متجره في سوق المنامة، وقد تقاعد عن عمله في الشركة في العام 1975م ليتفرغ لنشاطه التجاري في محله الواقع على شارع الشيخ عبدالله وكان يداوم على الحضور يومياً.

مأتم الأحسائيين

انتقل الرعيل الأول من الأحسائيين إلى البحرين منذ قرابة الـ 180 عاماً نظراً لتشابه البيئة الزراعية وحرية ممارسة الشعائر الدينية وبحثاً عن ظروف اقتصادية أفضل.

وقد تأسس المأتم على يد والده المرحوم الحاج طاهر التحو في العام 1915م نظراً لكثرة تواجدهم في البحرين وكانت البداية في منزل الحاج محمد السعيد الذي كان يخلي بيته في كل عام ويحوله إلى مأتم ثم انتقل إلى بيت الحاج طاهر التحو وهو الموقع الحالي للمأتم. والأحسائيون يقصدون المرحوم طاهر التحو إما للزيارة والجلوس أو لقضاء حوائجهم وكان له مكانة وكلمة مسموعة بين الأهالي وكان على اتصال بشأن الإشراف على المأتم مع السلطات المختصة آنذاك والتى كان على رأسها المغفور له حاكم البحرين السابق الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة.

على مدى سنوات عمره لم يفارق المرحوم ميرزا التحو مكانه في صدر مأتم الأحسائيين، وكان دائم التواجد في المناسبات الدينية والاجتماعية، كما يشارك في الوفود إلى القيادة السياسية ضمن زيارات الهيئة العامة للمواكب الحسينية.

هجرات الأحسائيين إلى البحرين

شهدت ضفتا الخليج بين البحرين وشرق الجزيرة العربية وبالخصوص الأحساء هجرات وانتقالات متبادلة واسعة عبر التاريخ، وهذا الأمر غير مستغرب فالمنطقتان تعتبران ضمن إقليم جغرافي واحد ويسكنهما شعب يتحد في الأصول والطباع والتقاليد.

وقد شهد مطلع العشرينيات في القرن العشرين انتعاشاً اقتصادياً ملموساً في البحرين بعد أن بدأت تتشكل معالم الدولة الحديثة فيها، فقد ازدادت أهميتها التجارية كمركز للتجارة الإقليمية في الخليج، وبذلك اجتذبت كثيراً من أهالي المناطق المجاورة للبحرين إليها ومنها الأحساء.

ويوضح الكاتب أحمد حسن البقشي أن الأحسائيين يعملون في مهن عديدة أهمها التجارة وخياطة البشوت والزراعة والبناء والنجارة، قد كان قسم منهم يعمل في الغوص قبل اضمحلال تلك المهنة بعد انتشار اللؤلؤ الصناعي في عشرينيات القرن العشرين، خاصة من أبناء قرى الأحساء الشرقية كالمنيزلة والطرف والجشة والجفر، وأعداد أقل من أهالي الفريق القبلي الشرقي في الهفوف.

ويوضح أن وجهات الأحسائيين تختلف بحسب الأعمال التي كانوا يمارسونها، فأرباب الخياطة والمخايطة الذين جاؤوا في أوقات مبكرة قصدوا المحرّق بسبب كونها العاصمة القديمة للبحرين وتواجد أغلب شيوخ الأسرة الحاكمة فيها، أمّا الذين جاؤوا منهم في فترات تالية أو الذين قصدوا التجارة العامة فقد استقرّوا في حي المخارقة في سوق المنامة، أما الفلاحون منهم فقد انتشروا في قرى البحرين والمناطق الزراعية لقربها من أعمالهم.

تواجد في سوق المنامة عدد كبير من الأحسائيين من المخايطة والمحال التجارية التي اختصّت في بيع البشوت والعبي النسائية وامتدت في عدد من الأسواق، وفتح بعض التجار الأحسائيين محالاً تجارية أو مكاتب لمراسلة فروعهم في الأحساء ومراكز الاستيراد الخارجية بسبب تواجد الوكالات الإقليمية للشركات الأجنبية فيها.

وكان مأتم الأحسائيين مكاناً لاجتماع الأحسائيين في البحرين ويأوي إليه من لا يتمكن من دفع قيمة الإيجار في الفنادق والخانات، وفيه يتمكن من أراد إرسال شيء لعائلته في الأحساء من إيجاد من ينقلها إليهم كما كان ينزل فيه القادمون من الأحساء لملاقاة من يريدون، ومنه ينتقل موكب الأحسائيين. وقد جدد بناؤه العام 1995 وبرعاية الحاج ميرزا بن طاهر التحو.

وبما أن عدداً كبيراً من الأحسائيين يعمل في إنتاج وتصنيع وتسويق البشت الحساوي الذي يعد لباساً عاماً للناس حينها، لكن من أهم الزبائن في تلك الفترة هم رجالات العائلة الحاكمة فضلاً عن كبار رجال الأعمال والتجار وأعيان البلد وبذلك توطّدت علاقات حسنة ووطيدة مع هذه الأطراف.

وتعتبر الفترة ما بين الخمسينيات إلى أواسط السبعينيات ذروة وجود الأحسائيين الذين كانوا يقيمون في البحرين، حيث إن أعدادهم بدأت تتقلص، بسبب تحسن الوضع المعيشي في المملكة التي دخلت مرحلة الطفرة الاقتصادية، ففضل الكثير من المهاجرين الأحسائيين الرجوع إلى الوطن، خاصة أنه كان في فترة نهوض وتوفرت فيه الفرصة للتطور الاقتصادي.

وفي فترات لاحقة شغل الأحسائيون العديد من المناصب في القطاع التجاري، ومنها مناصب إدارية رفيعة في مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين، وغيرها من الفعاليات الاقتصادية، كما برز بعضهم كأسماء لامعة ذاع صيتها في قطاع الأعمال والإنشاءات الكبرى، فضلاً عن تجارتهم الخاصة في مهن الأجداد في صناعة البشوت وبيع العبي النسائية، وكانوا بذلك جسوراً دائمة التواصل بين البحرين والمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

أضف تعليقك

ملاحظة: بريدك الإلكتروني لن يتم نشره. الحقول المطلوبة بجانبها علامة *

*