الشيخ عبدالله يوقع وثيقة وقف لمأتم القصاب: “برستج وعشة وعريش” بـ 35 روبية

ضمن الرواية المتداولة، فإن حسينية القصاب ربما تأسست بين أعوام 1881-1888م.، في فريق المخارقة، كما تشير الوثيقة الوقفية التي بين أيديكم الآن.

أما حكاية هذه الوثيقة فتقول بأن:” الحرة الرشيدة علوية بنت السيد محمد قد باعت رئيس إدارة الأوقاف الجعفرية جناب السيد أحمد ابن السيد علوي ابن السيد جواد، تمام وكمال البرستج والعشة والعريش وتابعها الحائط من السعف والجريد والجذوع والاخشاب، وما هنالك من أبواب واعتاب، وهي الكائنة في قطعة الأرض التي أوقفها المرحوم الحاج أحمد ابن الحاج عبدالرزاق السمك على مأتم القصاب وهي المعروفة سابقاً ببيت السفسيف الواقعة في فريق المخارقة أحد محلات المنامة من البحرين وما اشتملت عليه…..بثمن معجّل مقبوض بمجلس العقد نقدراً قدره وعده خمس وثلاثون روبية من السكة الهندية السالكة في المعاملة بيعاً بتاً نبلاً صحيحاً صريحاً شرعياً معتبراً مرعياً مشتملاً على أركان الصحة وشرائط اللزوم….وصحح عليه بالاشهاد باليوم الحادي عشر من شهر رمضان لسنة 1349 هجرية “.

وهناك توقيع واقرار بذلك على هذه الوثيقة من الشيخ عبدالله بن محمد صالح آل طعان وجاء بهذه الكيفية:” بسمه سبحانه،

الأمر كما رسم لدى خادم الشرع المطهر

عبدالله بن محمد صالح 12 رمضان 1349هـ”.

وهناك طباعة ابهام البائعة في أسفل الوثيقة، وختم الشيخ عبد الله في أعلاها.

التعليق:

لنبدأ أولا بالتعرف بخادم الشرع المطهر، وهو الشيخ عبدالله بن محمد صالح آل طعان. فقد جاء إختيار الشيخ عبدالله كقاضي للمنامة في مطلع الثلاثينيات من القرن العشرين، بعد إبعاد قاضيها السابق الشيخ خلف آل عصفور من البحرين على يد سلطات الحماية البريطانية حينها، ووفاة القاضي السيد عدنان بن علوي، وكان الشيخ عبدالله قد درس في حوزة النجف الأشرف. بعد التعيين اضطر للسكن في المنامة العاصمة لقربها من مواقع القرار والقضاء، والرواية المتوافرة تذكر بأن سكنه كان في جزء من بيت الحاج محمد علي النوخذة. وما هي إلا سنوات بسيطة ويتم عزل الشيخ عبدالله بن محمد صالح عن القضاء الشرعي بالمنامة، وتعيين الشيخ علي بن حسن آل موسى قاضياً رسمياً بالمنامة في العام 1933م على الأرجح. وأقرب زمن لوفاة الشيخ عبدالله في شهر صفر للعام 1381هـ (أغسطس 1961م).

ثانياً: نكتشف من بين سطور وثيقة البيع هذه عدة أمور، منها، أن السيد أحمد بن السيد علوي بن السيد جواد، كان

هو رئيس إدارة الأوقاف في العام 1931م. وهو كما نعلم من ضمن المؤسسين لمدرستين في تلك الفترة هما الجعفرية بالمنامة 1927م، والمباركة العلوية بالخميس التي ساهم بها مع رفيق دربه تاجر اللؤلؤ الطواش أحمد بن خميس من السنابس العام 1928م. كما نتعرف على نوعية أسلوب كتابة عقود البيع والشراء قبل 86 عام في البحرين، وتحديداً، في المنامة. كما تشير هذه الوثيقة إلى دعم أصحاب الايدي البيضاء من عائلات المنامة للحسينيات في تلك الفرة، حيث تذكر أن الحاج أحمد بن الحاج عبدالرزاق السمك قد أوقف عقاراً في حي المخارقة من العاصمة المنامة وكانت أرض فضاء لصالح حسينية القصاب تستخدمها كما تشاء لخدمة التعزية على الإمام الحسين عليه السلام. ويبدو ان تلك الأرض، وكانت تسمي “السفسيف”، قد تم البناء فيها، والبناء يتكون من “برستج” وهو نوع من الغرف العائلية الكبيرة قديما ولها قاعدة مستطيلة الشكل, ويبنى بأيدي عمال مهرة متخصصين كان أشهرهم من قرية بني جمرة. ومواده من سعف وجريد النخيل وجذوعها، ويُبنى بشكل هرمي كما الخيمة لسهولة انحدار الامطار عليه. ويكون للبرستج مدخل واحد وأحيانا به بعض النوافذ.

وكذلك “عشة”، وهي كما يذكر الباحث في الآثار والتراث الشعبي البحريني حسين محمد حسين؛ “بناء بسيط يبنى من السعف, وغالبا ما تكون بناء مؤقت, و”العشة” تُبنى في غالب الأحيان من السعف أو من الجريد، ولا تكون فيها متانة فالجدران تميل على بعضها كسوائد. وعلى الرغم من شيوع لفظة “عشة” في العديد من دول الوطن العربي إلا أنها لم ترد في معاجم اللغة بالمعنى المستخدم عند العامة. وبقيت لفظة “عشة” ردحا طويلا من الزمن بين العامة أطول من أي لفظة آخرى وذلك لارتباطها بمقولة يرددها الأطفال زمان وهي (أم كشة طاحت عليها العشة). ومع مرور الزمن وتغير الأوضاع ربطت لفظة “عشة” ببيت الدجاج أو الحمام بصورة خاصة، ثم تم استبدالها بلفظة الصندقة”.

وعريش وهو اشبه بغرفة استراحة أو صالة صغيرة بمفهوم اليوم في البيوت القديمة، يُبني من سعف وجذوع النخيل، وعلى شكل مربع غالباً. وله أنواع متعددة منها عريش رادة سعف، وعريش مدجج أو ياسي، وأحيانا يُبنى من طابقين كذلك. ويوجد تخلل بين سعف العريش تسمح بدخول الهواء بين جوانبه.