“عمارة التيتون”… السفن في ذاكرة آخر صناعها… وحكايات فزعة “الباورة”(بالفيديو)
من عمارة التيتون في النعيم، وبين “الباورة” و”الأنكر” و”الكجه”، ومن تاريخ عملي وخبرة امتدت لأكثر من 50 عاماً… مازالت ذكرت محمد نجيب أحمد جاسم التيتون مصرة على الإحتفاظ بالعهد الزاخر من السقوط في هاوية الإندثار، وهو عهد صناعة السفن الخشبية كما أسماه… نفسه وغيرته أبت إلا أن تحتفظ بالكثير من الذكريات والمعلومات والتفاصيل عن هذه المهنة، هو الوحيد الموجود الآن محترفاً في مهنته، بل الأخير أيضاً.
وُلد التيتون في العام 1954، لكن ما تحويه ذاكرته من معلومات وتفاصيل عن مهنة القلافة أكثر من ذلك بكثير، فقد ورث من أبوه وأجداده الكثير والكثير من القصص والذكريات والخبرات، وحرص أن يدونها كتابه (عمارة التيتون).
“حكاية المنامة” إلتقت بالتيتون، وبعد تنهدات كثيرة أشارت إلى كثرة حديثه عن مهنته والوقف على أطلالها، أثارنا بحكايات وقصص مختلفة ذات علاقة بالبحر والسفن، منها النوخذة الذي فقد “الباورة” في عرض البحر ولم يحصل على الحديد الكافي لإعداد واحدة أخرى تتواءم وحجم سفينته الضخمة، وكيف تعاون الحدادة البحرينيون لمساعدته، وكذلك صناع السفن البحارنة الذين هاجروا للكويت وقطر، وما هي أسباب هجرتهم.
وعن كتابه، يقول الأستاذ التيتون: “طُبعت الكثير من الكتب عن صناعة السفن، تناولت خلالها مسميات وأنواع السفن وبعض التفاصيل عنها، إلا أن كتابي الأخير (عمارة التيتون) جاء بكيفية مختلفة، بل هو ما حرصت عليه أساساً عند بداية الإعداد له”، مضيفاً “شرحت خلال كتابي عدة (أدوات) الأستاذ، وعدة القلاف، والمطلحات التخصصية المستخدمة في هذه المهنة التي اندثر الكثير منها الآن، ولم يعد الجيل الحالي يعرفها. بالإضافة إلى أنواع الأخشاب المستخدمة في صناعة السفن، ومتعلقات الإبحار التي تشمل الأشرعة والمجداف وغيرها من التفاصيل الدقيقة، وبعد أنواع الصناديق الخشبية والمغطاة بالحبال”.
وترك التيتون مجالاً لعنصر التشويق في كتابه، حين تحدث خلاله عن “قصص وحكايات الحدادة، والمجداح، وهجرة البحارنة صناع السفن من البحرين للكويت”، مستدركاً ذلك بقوله: “سعيت لأن يكون الكتاب مرجعاً وافياً يتضمن كافة تفاصيل عهد صناعة السفن، نعم أسميه عهداً لأنه كان نواة إنفتاح مملكة البحرين على دول العالم تجارياً وثقافياً وعلمياً”.
ذاكرت التيتون وجدها كنزه الأول، فقد اعتمد على ما ورثه من أبوه وجده وصحبتهم من أبناء المهنة، ساعفته خبرته ويداه التي صقلت ونجرت أوساط الأخشاب وغارت في البحر.