MANAMASTORY
MANAMASTORY
5 يونيو 2019 حوارات

الوجيهة الفاضلة السيدة صفية كانو: لوحاتي أولادي وأفضل أن تتحدث أعمالي عوضاً عني

حين نقول الوجيهة الفاضلة صفية كانو فإن أول ما يتبادر للذهن يدها البيضاء، وعطاؤها اللامحدود للمجتمع عبر مشاريعها العلنية واللاعلنية. صفية كانو سيدة الأعمال والفنانة التشكيلية، صاحبة الحس المرهف، تفضل دوما الابتعاد عن الأضواء، فهي ضمن قلة ممن يفضلون أن تتحدث أعمالهم عنهم، عوضا عن قياهم بذلك. انها المرة الأولى التي تتحدث فيها صفية كانو عن شيء من تفاصيل حياتها الخاصة، فشرعت أبواب قلبها قبيل أبواب منزلها، الواقع قرب البحر.


تقول صفية علي محمد كانو لـ «ذكريات» ولدت في العاصمة المنامة، وترعرعت في كنف والديَّ، واللذين كانا قدوتي في الحياة، إذ تعملت منهما القيم التي أسير عليها اليوم في حياتي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى شقيقاتي وأشقائي الأعزاء «أحمد، عبدالله، حمد، شريفة، فاطمة، سارة، فوزية، مريم، فريدة وحنان».

الطالبة العاشقة للرسم
في طفولتي نشأت في حي يعرف تماما معنى التآلف بين البشر، مع اختلاف انتماءاتهم الدينية، وطبقاتهم الاجتماعية، ومازالت تربطني لليوم أواصر الترابط مع بعض من أبناء الحي، كذا الأمر بالنسبة لجيراني الحاليين.


بدأت تعليمي النظامي على مقاعد مدرسة خديجة الكبرى للبنات، برفقة مجموعة من الصديقات والزميلات أمثال فاطمة اغا، لولوة جاسم، لولوة قاسم، هيا ناصر، عايشة سالم. وتتلمذت فيها على يد ثلة من المدرسات البحرينيات مثل الأستاذة زهرة حسين، الأستاذة هاجر، الأستاذة فاطمة علي، والعربيات من لبنان وسوريا وفلسطين ممن كن لنا كطالبات قدوة في الأناقة وفن «الأتكيت».
وفي المرحلة الثانوية انتقلت للدراسة في مدرسة المنامة الثانوية للبنات، وتخصصت في المجال الأدبي. وكانت لي مشاركات في الأنشطة المدرسية عبر المشاركة في المسرحيات التي تدور حول القضايا الاجتماعية، وتعرض في الطابور الصباحي. وكان معي مجموعة من الزميلات أمثال زكية يوسف وعايشة محمد، وتتلمذت خلال هذه المرحلة على يد مجموعة من المعلمات الفاضلات أمثال الأستاذة زينب محمد، الأستاذة وداود عبدالله والأستاذة غزلان حبيب.


وكنت حين أعود من المنزل أطبق ما يتم تدريسنا أياه في مادة الاقتصاد المنزلي من أطباق. وكانت مادة الرسم المفضلة لديّ، وعبرها بدأ مشوار شغفي في عالم الفن التشكيلي، فأنقل على اللوحات أحاسيسي والتجارب التي أمر بها، وتمر أمامي في الحياة. فكنت أشتري الألوان من مكتبة في المنامة، وأحيانا خلال سفراتي، وأقوم بمحاولاتي الفنية.

مشوار الفن
ومن المعروف أن المشوار الفني الحقيقي لصفية كانو استغرق وقتا كي يثمر أعمالا فيها من العمق والجمال والرقي ما يعكس أكثر من 35 عاما، من التأمل والاستيعاب والتحليل للأعمال الفنية، واللوحات الطبيعية التي التقطتها عينها في البلاد وعلى كل أرضِ وطأتها قدماها.


إذ بدأت بتجسيد ما ترك أثراً في قلبها وذهنها عبر ريشة وألوان زيتية منذ العام 1980 وحتى 1983 حين قدمت أول معرض لها بعنوان «انطباعات»، فجاءت أعمالها انعكاساً لتأملاتها، فكانت المدرسة الفنية التي دمجت بين اتجاهات مختلفة، وأساليب فنية عديدة. كما قدمت معرض «انطباعات 2» في ديسمبر 2015، والذي مثل نتاج مشوارها الفني في مجال الإبداع ومحاكاة الطبيعية، كما تعتزم إقامة معرض فني ثالث في العام المقبل.


وفي شأن قريب توضح صفية كانو، لوحاتي هم أولادي الذين لا يمكنني التخلي عنهم، لذلك لا أبيع لوحاتي في المعارض، وكنت قد جربت القيام برسم نسخ عن لوحاتي التي احترقت سابقا، لكنني لم أتمكن من فعل ذلك، فالإبداع يأتي كالإلهام الذي يأتي حين الشعور، ولا يمكن تكراره، ولا أهدي لوحاتي إلا للأعزاء على قلبي.


الجدير بالذكر أنه وخلال دراسة كانو لدروات فنية في فرنسا نهاية العشرينات من عمرها الزاهر، نبض قلبها بالحب لابن عمتها رجل الأعمال المرحوم عبدالله خليل كانو. تقول صفية كانو، عشت مع المرحوم حياة زوجية جميلة، إذ كانت المحبة والثقة عماد هذا الزواج. وهذا ما يتضح ملياً في الحب الذي يشع من الصور الساحرة باللونين الأبيض والأسود والتي تجمعهما والمعلقة على طوال المنزل.

البيت المليء بالحياة
ولا يخلو منزل صفية كانو من الزوار، وتقام فيه العديد من الفعاليات والأنشطة المجتمعية، لعل أخرها عشاء عمل أقيم على هامش ملتقى سيدات الأعمال أثمر توقيع مذكرات تفاهم وتوصيات جديدة، مطلع أبريل 2016. كما استضافت في منزلها مبادرة «ابتسامة» لدعم أطفال السرطان والأمهات.


وأنشأت في العام جامع صفية كانو، والذي افتتح في العام 2012 بتوبلي ويستوعب أكثر من 500 مصل. ووحدة صفية علي كانو في مستشفى المحرق، ومساهمة في جناح خليل بن إبراهيم كانو، وجناح سلمان بن خليل كانو لرعاية المسنين، ووحدة عبدالله خليل كانو الخاصة باورام الأطفال.

مشاريع قادمة
وتعتزم صفية كانو القيام بمشاريع مجتمعية في الفترة القريبية القادمة، ستعلن عنها حين تكتمل رؤيتها، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن لها العديد من الأعمال الخيرية المجتمعية والتي لا تفضل البوح بها، كي لا تفقد هدفها في التقرب لله، فتفضل أن تكون بينها وبين خالقها، كما أنها لطالما ترفض التصريح بتكلفة المشاريع التي تدعمها من ذات الباب.


لا تشعر بالوقت وأنت تتجاذب أطراف الحديث مع صفية كانو، فأريحيتها في الحديث، وابتسامتها الساحرة، وروحها الجميلة، ناهيك عن سحر الإطلالة البحرية ومزرعتها المفعمة برائحة «المشموم» البحريني، ووجهها الحسن الذي يحكي تفاصيل لا تود صفية كانو البوح بها للنشر والتباهي، بل أن تترك انطباعات بعيدةً عن المباهاة والرياء، أقرب لإشاعة المحبة بين بني البشر.

صحيفة الأيام

 العدد 9903 الجمعة 20 مايو 2016 الموافق 13 شعبان 1437 

أضف تعليقك

ملاحظة: بريدك الإلكتروني لن يتم نشره. الحقول المطلوبة بجانبها علامة *

*